تنطوي كلمة ’الحب‘ عند
استخدامها في اللغة الإنجليزية على سبع معاني. هناك الرغبة في إرضاء الشهية
"أحب الأكل"؛ هناك الرغبة في تكوين العلاقات العاطفية؛ الرغبة في التعلق
عاطفيًا بشخص عن طريق البقاء أطول فترة معه. هذة الرغبة في التعلق العاطفي تظهر
عند الإنسان كما عند الحيوانات الأليفة. يمكن أيضًا أن يكون التعلق العاطفي
بالأغراض كما بالذوات الحية. المفهوم الرابع للحب يكمن في الرغبة في التصرف بشكل
نافع لمصلحة شخص ما أو لمصلحتنا الذاتية. وأكثر الصيغ رسمية لهذا النوع ما يتعهد
به الرجل والمرأة في حفل الزفاف من حب بعضهم بعض.
عند خروج الحب من إطار العلاقات الشخصية، يظهر معنى خامس للحب ينطوي على قدر كبير من الالتزام. قد يحمل هذا المعنى الخامس التزام بالتفاني من أجل أمة ما أو من أجل حيوان ما أو ربما من أجل شيء متجاوز: على سبيل المثال ’أنا أحب الموسيقى‘. كذلك يعتبر التصرف بمحبة عموما تجاه الناس نوع من ’الإيثار‘. ولا ينتظر أصحاب هذا النوع أي مكافآت لتعزيز الثقة بالنفس. بل أن هذا النموذج مصقل بالتزاماته المتجاوزة. كما إنه يتبنى حالة ذهنية معينة في الحزن والفرح. هذا النوع من الأشخاص يتصرفون بمحبة بغض النظر عن أي مكافآت. وحتى في خضم المشاكل، لا يمجد نفسه ولا يحمل أي رغبة في إيذاء الآخرين. على نقيض النموذج السابع الذي يغلب على الحب عليه طابع "السحر"، فيكون الحب مراوغ قد يظهر فجأة ويختفي فجأة.
نيل ليتون, مقاطعة توتنس , إنجلترا
__________________________________________________________________
اشتملت التفاسير اليونانية لطبيعة الحب على حالات متفاوتة تندرج تحت مسمى ’الحب‘. عن المعاني، يذكرنا الفيلسوف البريطاني أنتوني كليفورد جريلينج بالأنواع المتفاوتة قائلا: النوع المدهش- وهو الذي ينطوي على معاني الإيثار؛ المتلاعب – وهو الذي ينطوي على قدر من التلاعب العاطفي؛ المتعقل – وهذا الحب يهدف لأن تكون العلاقات قائمة على الالتزام والفهم العميق؛ الأسري – وهو الحب بين الأشقاء والرفاق؛ المجنون – مثل هذا القائم على الهوس، وغالبا ما تحركه الغرائز الجنسية. واعتمادا على فلسفة اللغة عند فيتجنشتاين، وعلى الجماليات عند ريتشارد ولهيم وموريس يتز، يمكن القول أن هذه الأنواع تتمتع بخصائص مشتركة، بل أن هناك تشابه بين هذه الأنواع المختلفة، وبين مستويات وأنواع الحب. على سبيل المثال، بين العشاق والأزواج والشركاء وأفراد الأسرة؛ أو نحو الحيوانات الأليفة، والفنون، والرياضة، والغذاء، والسيارات، والآلهه (كذلك حب الأتباع لهم)؛ وما إلى ذلك، وبطبيعة الحال حب الفلسفة. يظهر لدينا أن معنى ’حب‘ لا يعني بالضرورة ’’حالة الفوضى في القلب التي يُحدثها شعور لا يُمكن مقاومته أو التحكم فيه، أو فعل شيء حياله، إما يسعد القلب أو يدمره‘‘. ومع ذلك، يجب التأكيد على شيء عام بخصوص الحب، كما إنه شيء دقيق، عند الوقوع في الحب مع شخص ما، شيء ما، أو بعض الأنشطة أو الوظائف. على الرغم من أن هناك إمكانية أن يكون الحب مدمر أو مُبهج، لكنه يعطيك رغبة في البقاء على قيد الحياة لتزداد من شعورك بالحب، فهو يطور لديك رغبة في تعزيز الذرية، كما إنه يجعلك مزدهر روحيا، يجعلك كذلك تتبنى قيم جمالية ونفعية، سواء بشكل عابر وسطحي أو عميق ودائم.
كولن بروكس, ليسسترشاير, إنجلترا
__________________________________________________________________
الحب هو حالة طويلة الأمد تذهب بقلب وعقل المرء إلى شخص آخر. لكن هناك قدر من المشاعر (وهي ليست مشاعر حب) تشكل جزء من هذه الحالة. طبعا المشاعر الإيجابية موجودة لكنها مختلفة عن تلك المشاعر الإيجابية التي نكنها لعموم الناس. فالإعجاب والحب بين شخصين أشبه بكفين معقودين فوق مساحة واسعة. وبعيدا عن كل ثرثرة المراهقات. ما هو الفرق بين الإعجاب والحب؟ جواب بديهي بسيط، فالحب بالنسبة للإعجاب؛ كالسعادة بالنسبة للشهوة. هناك إجابة أخرى ’ أن الحب قادر على الإستمرار والبقاء حتى في خضم المشاكل‘. فكرة صعبة، أليس كذلك؟ لكننا جميعا نعرف إننا يمكننا أن نحب شخص ما في خضم نفورنا المؤقت منه.
للعقل سلطان أيضًا على العاطفة. لذلك، أحد الأشياء التي تقضي على الحب وبصرف النظر عن أي عواطف إيجابية هو أن الحب ينطوي على الاختيار. فالإعجاب وعدم الإعجاب يتحكم فيهم "الإندفاع". بينما الحب عبارة عن اختيار، بغض النظر عن أي مشاعر رومانسية. لذلك فإن اختيار أن نحب هو التزام مبدأي من الجزء العقلاني في العلاقة. فالعقل قادر على السمو فوق الاندفاع الأرعن الذي يشكل الإعجاب أو عدم الإعجاب. لذلك فالعقل يحافظ على الحب بين حبيبين عندما يظهر لدى أحدهم ما يزعج الآخر.
من هنا، يفضل التعبير عن الحب كخط زمني، يبدأ بمشاعر إيجابية، وبمرور الوقت يأتي الاختيار الحر بالالتزام بالعلاقة. يعزز هذا الالتزام من المشاعر بدوره فتتشكل بهذا جنة الحبيبين. هذه الولادة الجديدة تسمى الحب.
ماثيو هيوز, أوكلاهوما, الولايات المتحدة
__________________________________________________________________
ربما ينبغي علينا أن نبدأ بالقول إن ’الحب‘ هو مجرد تصنيف ذاتي لمجموعة من المشاعر والصفات التي نعطيها أعلى تقدير. وعندما يستوفي شخص ما أو شيء ما جميع هذه المعايير بشكل مثالي، سأقول لنفسي ’آه، هذا هو الحب‘. لو أنني أقدر الذكاء، البهجة وحسن الخلق، وجاء شخص ما وأستوفى هذا المعايير، سأكن له شعور بالحب. ’الحب‘ إذن هو تحقق المعايير المذكورة سلفا في شخص ما. والتي قد يتم تطبيقها أو عدم تطبيقها بوعي. هذه الصفات إذا وجدت مجتمعة، داخل أو خارج أنفسنا سيكون هذا هو الحب. كيف يحدث الحب؟ عندما يستوفي شخص ما مجموعة من أقيم ما لدينا من الصفات والمشاعر.
النظر إلى الحب بهذه الطريقة تمكننا من تفهم جميع أشكاله المختلفة؛ الخَيـّر والشرير، اللطيف والعنيف، المحدود واللا محدود. الحب فريد كتفردنا نحن أنفسنا. ولكن كما هو الحال مع أي شيء، الحب ليس بهذه البساطة تماما. من الواضح، إننا كمجتمع متحضر، نصيغ ما يشكل حب شخص ما. أقصد، قيم وقوانين المجتمع الذي نعيش فيه هي ما تشكل المشاعر والصفات، إلى حد ما. بالرغم من أن الحب يمكن أن ينظر إليه من الناحية النظرية كشأن فردي حقا، إلا إنه من المستحيل من الناحية العملية فصله بالكامل عن تأثير آراء مجتمعنا الواسع. لأننا نأخذ الفرد كمنتج اجتماعي على أي حال، لذلك يمكننا القول أن الحب لا يزال فرديًا في إطار هذه الحدود.
أنوش فلك رفعت, إريث, المملكة المتحدة
____________________________________________________________________
أميل للإعتقاد بأن الحب ليس عاطفة، ولكنه فعل. عندما يقول شخص ما ’أنا أحب س‘ بغض النظر س هذه زوج، حيوان أليف، هواية أو أي شيء آخر. فإن هذا الشيء يهمك بما يكفي لتراعيه وتحافظ على علاقتك به. وبهذه الطريقة يصبح الحب عبارة عن منهج ما من الأفعال بغض النظر عما نحب. لذلك، تعريف الحب على إنه الاهتمام سيجعله غير مربك، فعندما تقول أنك تحب زوجتك أو هواياتك الخاصة لن تكون مشاعرك متضمنة الاهتمام بأشياء متضاربة. إذا كنت تحب شخصا ما، على سبيل المثال، ستدعمه طوال الوقت، ستستمع له، ستبذل جهدا للحفاظ على علاقتك قوية به. كذلك إذا كنت تحب القراءة، ستحافظ على علاقتك بالكتب أيضا، وهذه المرة من خلال القراءة كثيرًا، وبالبحث عن الأدب الجديد.
تعريف الحب باعتباره فعل بدلا من مجرد انفعال عاطفي يساعد على التمييز بين عواطف متضاربة قد تكنها لمجموعة متنوعة من الأشياء، ويساعدك كذلك على توصيف علاقتك بالأشياء التي تحب. وبهذه الطريقة يمكنك تجنب المشاكل الناجمة عن محاولة شرح علاقة شعور ما بآخر، لأن الحب في الواقع أفعال وليس مشاعر.
كاثرين ويلش, كارولينا, الولايات المتحدة
___________________________________________________________________
’’قولي لي مرة أخرى، كم تحبيني.‘‘
’’يا عزيزي، لا يستطيع شيء تحريك هرموناتي كما تحركها أنت، تعال، احترق بلهيبي.‘‘
’’كم أحبك عندما تتحدثين بسفالة.‘‘
على ما يبدو أن علم الأحياء التطورية هو لعنة الشعراء والرومانسيين والمتدينين، لأن ما كان يوما ما فوقي ومتجاوز أصبح اليوم مكشوف بل ويعتبر احتيالا، الأمر ليس أكثر من رسائل عصبية وهرمونية تخدم بشكل أساسي رغبتنا في تلقيح البيض بالحيوانات المنوية، وربما تربية المنتج حتى مرحلة البلوغ.
الحديث الكثير عن الحب الرومانسي فقد مصداقيته، وعلى عكس ما يستدعيه ’اسم‘ حب إلا أن ’فعل‘ الحب أصبح مكلف جدا. يمكن لأي شخص أن يستشعر الحب كمعنى، بل أن العديد منا يسعى له، وغالبا ما نأخذ أكثر مما نعطي. إلا أن ’الحب الرومانسي‘ محض أنانية. فالحب كفعل يتطلب أكثر من وجود شخص ما يعشقنا. فهو يتطلب خطوات مدروسة تنطوي على التضحية والالتزام. هذه الخطوات ليست هينة، فهي تعتمد على عمق الحب، وقد تكلفك حياتك بأسرها. ومع ذلك، سيكون العالم ممل وكئيب إذا اقتصر على مهووسين يريدون إما الحب أو الموت، فقد يقتضي الأمر التبرع بكلية لمن نحب أو توفير الطعام لهم أثناء المجاعات مثلا. لذلك وجب علينا شكر التطور الذي وضح لنا ما الحب الرومانسي. الحب الرومانسي هو متعة في حد ذاته. لذلك، وعلى الرغم من أن الرومانسية غالبا ما تنتهي بحزن وألم، شيء واحد لا يستطيع الشعراء النواح بشأنه هو إننا نعرف عقبات الحب الرومانسي.
وينطبق الشيء نفسه على ما يقتضيه الحب القرباني. ففي حين أن الحب الرومانسي قائم أساسا على الأخذ والعطاء فإن الحب القرباني هو محض عطاء. لكن هناك ميزة تطورية للحب القرباني، ربما هي تعزيز الأواصر؛ لذلك فإنه يحدث تغيير عميق بتفضيل الأصلح يصبح هناك سبب وجيه لتقييم هذا الحب على أساس فوائده التطورية.
لن يكون البشر يوما على درجة كاملة من الإيثار. بما يقتضيه ذلك من أن نكون كائنات مثالية دون احتياجات أو قدرة على المعاناة. الحب، على ما أظن، ومع ذلك لو استطعنا إيثار الآخر على أنفسنا كليا لفعلنا، ليس فقط لنرتقي بالحب لمراتبه الشعرية الرفيعة، بل لأن يأخذنا إلى عالم متجاوز. الحب، على الرغم من كونه عمليه تطورية حرجة، إلا إنه أيضًا شعور لا يمكن إنكاره بالفناء من أجل شخص ما حرفيًا.
حبيب معروف, سليرنو, إيطاليا
___________________________________________________________________
أوضع لنا الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس هربرت برادلي، والذي عرف لفترة ما في القرن العشرين على إنه فيلسوف بريطانيا الأعظم، أوضح أن الحب هو تجربة فيما وراء النفس: الحب هو تجربة المطلق. مهما كانت طبيعة حياتك، سواء كنت ميكانيكي، طبيب أو رائد فضاء، يقول برادلي أن الحب هو ما تختبره فتدرك من أنت حقًا – عندما تصبح الذات والموضوع شيء واحد، كامل لا يقبل التجزأة. هذه هي التجربة الحقيقية – وكل ما عداها مجرد تجارب شكلية. فما تراه على إنه تجربة هو بالأحرى فيلم 3D. يخدم حواسك إما لمتعة أو لوجع، لكنه ليس أبدًا أعمق تجاربك صدقًا كالحب. المشكلة أن لا أحد حرفيًا يعيش في الحاضر لأن الحاضر هو وقت ما والوقت يتغير بإستمرار دون توقف. عندما نقف مكتوفي الأيدي، ليس على مستوى الجسم، بل على مستوى العقل، ندرك أننا لسنا ما كنا نظن، عندها يعلن الحب عن نفسه كحضور مطلق في جزء بسيط من الثانية، ربما أكثر. هذا ما يسمى في البوذية ’النور‘، وفي المسيحية ’السماء‘، وفي حياتنا اليومية ’السعادة‘. لذلك فالحب هو اختبار السعادة على مستوى العقل، خارج الزمان، عندما تكون أنت والكون شيء واحد، بلا حذر، خوف، ألم أو لذة. لا تسعى للحب، لا تجري وراءه، فقط ’أغرق‘ فيه، حينها ستعرف ما هو الحب.
اجناطيوس أودنوارا، جامعة نيو انغلاند، نيو ساوث ويلز
__________________________________________________________________
![]() |
Orpheus Leading Eurydice from the Underworld (1861) by Jean-Baptiste Camille Corot. |
هذا المقال مترجم عن مجلة فيلسوفي ناو، نشر بعنوان what is love? عبارة عن أجوبة مجمعة لقُراء المجلة عندما طرحت سؤال ’ما هو الحب؟‘ للنقاش..
مفيد رغم اﻷخطاء اللغوية.
ردحذف