ترَاكب حينَ تتقَاطع. ومع ذلك فإنّ هذا الخيطِ الرفيع من
الرؤيةِ يحتَوي بالمقابلِ شبكة معقّدة من الشكُوك، والمبَادلات والتهرّب. فالرسّام
لا يتّجه بعينيه نحونا إلاّ بمقدَار ما نتواجد في مكانِ موضوعه الرئيسي، ونحن
المشَاهدين، لسنا إلاّ مجرّد زيادة. وإذ نستقبلُ هذه النظرة، فإنّها تطردنا، ليحلّ
محلّنا ما كان مُنذ بدء الأزمنة يتواجد هناك قبلنا: النموذج نفسه.
لوحة وصيفات الشرف (1656) لديجو فيلاسكيز (1599 – 1660) رسَام إسبَاني في فترةِ حكم الملك فيليب الرابع، وواحد من أهمِ الرسَامين في تاريخ الفن. لوحة الوصيفات التي رسمها فيلاسكيز أثارتْ جدل واسّع بسببِ محتواها شديد الغمُوض. المفروض، أن فيلاسكيز يرسم الملكَ فيليب وزوجتَه الملكة، لكن مهلًا هذا لا يظهر بقوةِ في اللوحَة، الحقيقة إن الملكَ وزوجته يظهرَان في بُقعة بَاهتة بوجوة غير مُحددة الملَامِح في مُنتصف لوحَة الوصيفات فيمَا يبدو إنها مرآة. الأكثرُ مِنْ ذلِك، أن فيلاسكيز رسم لوحَة الوصيفَات عنه هو، عن نفسِه وهو يرسم المَلك والملِكة. على يسار الرائي جدَارية من القماشِ لا يظهر منهَا شَّيء، إنها اللوحة التي يعمل عليهَا فيلاسكيز وعلى اليمين الأميرة الصغيرة وبعض الوصيفات. وفي المنتصف مرآة تعكِس مَا هو من المُفترض محتوى الجدارية التي يرسمها فيلاسكيز.
اللوحَة كُلها تنظُر إلى مشهدِ هي نفسها بدورهَا مشهد بالنسبةِ له، في هذه اللوحة يتبادل النَاظر والمنظُور النظر بلا توقُف. فيلاسكيز يُحدق فينَا جميعًا بمجرد دخولنَا حَيز اللوحَة. أنحنُ رائُون أم مرئيُون؟ لا ندري. فيلاسكيز يتراجَع للوراء قليلًا يُحدق في النموذجِ نفسه, نحنُ بدورنا لا نرى النموذج الذي يراه، لكن لو اتبعتَ خط النظر ستجد أن فيلاسكيز يُحدق فينَا نحنٌ. فيلاسكيز يرسمنَا نحن. والمرآة التي تتوسَط الحائط عاكسّة صُورة الملك والملكة لا تُعبر عن نموذجِ فيلاسكيز بقدر ما تُعبر عن غيَابه, الغيابُ المُتمثل في صورةِ غير واضحَة معكوسة في مرآة. ستجد نفسك أمام اللوحة عَاجز تمامًا عنْ إجابة سؤال بسيط، مَن يرسم ماذا؟
لذلك فإن مَا يُحاول الرسم أن يُقدمه هو ما فشَّلت اللُغة في تقديمِه، علَاقة أكثر رحَابة وشفَافية بينَ الإنسَّان والأشيَاء. أو كما يقول فوكو: "علَاقة اللُغة بالرسم علاقة لا مُتناهية، لأن الكَلمة غير كامِلة وتقع إزَاء المرئِي في عجزِ تجهد عبثًا لتجَاوزه، لأنهما لا يُمكن أن يُختزل أحدهما الآخر، فعبثًا نقول ما نرَاه، لأن ما نرَاه لا يسكُن أبدًا فيما نقول، وعبثًا عملنا على أن نجعل الآخرينَ بالصورِ والإستعاراتِ والمقارناتِ يرون ما نقوله الآن". لذلك أمام هذه اللُغة الرمادية، الموسوسة والمُكررة دائما أضاء الرسم، كحلٍ لعلاقة رمادية بين الكلماتِ والأشياءِ، علاقة يعملُ الرسم على جعلهَا أكثرَ شفَافية.
لوحة وصيفات الشرف (1656) لديجو فيلاسكيز (1599 – 1660) رسَام إسبَاني في فترةِ حكم الملك فيليب الرابع، وواحد من أهمِ الرسَامين في تاريخ الفن. لوحة الوصيفات التي رسمها فيلاسكيز أثارتْ جدل واسّع بسببِ محتواها شديد الغمُوض. المفروض، أن فيلاسكيز يرسم الملكَ فيليب وزوجتَه الملكة، لكن مهلًا هذا لا يظهر بقوةِ في اللوحَة، الحقيقة إن الملكَ وزوجته يظهرَان في بُقعة بَاهتة بوجوة غير مُحددة الملَامِح في مُنتصف لوحَة الوصيفات فيمَا يبدو إنها مرآة. الأكثرُ مِنْ ذلِك، أن فيلاسكيز رسم لوحَة الوصيفَات عنه هو، عن نفسِه وهو يرسم المَلك والملِكة. على يسار الرائي جدَارية من القماشِ لا يظهر منهَا شَّيء، إنها اللوحة التي يعمل عليهَا فيلاسكيز وعلى اليمين الأميرة الصغيرة وبعض الوصيفات. وفي المنتصف مرآة تعكِس مَا هو من المُفترض محتوى الجدارية التي يرسمها فيلاسكيز.
اللوحَة كُلها تنظُر إلى مشهدِ هي نفسها بدورهَا مشهد بالنسبةِ له، في هذه اللوحة يتبادل النَاظر والمنظُور النظر بلا توقُف. فيلاسكيز يُحدق فينَا جميعًا بمجرد دخولنَا حَيز اللوحَة. أنحنُ رائُون أم مرئيُون؟ لا ندري. فيلاسكيز يتراجَع للوراء قليلًا يُحدق في النموذجِ نفسه, نحنُ بدورنا لا نرى النموذج الذي يراه، لكن لو اتبعتَ خط النظر ستجد أن فيلاسكيز يُحدق فينَا نحنٌ. فيلاسكيز يرسمنَا نحن. والمرآة التي تتوسَط الحائط عاكسّة صُورة الملك والملكة لا تُعبر عن نموذجِ فيلاسكيز بقدر ما تُعبر عن غيَابه, الغيابُ المُتمثل في صورةِ غير واضحَة معكوسة في مرآة. ستجد نفسك أمام اللوحة عَاجز تمامًا عنْ إجابة سؤال بسيط، مَن يرسم ماذا؟
لذلك فإن مَا يُحاول الرسم أن يُقدمه هو ما فشَّلت اللُغة في تقديمِه، علَاقة أكثر رحَابة وشفَافية بينَ الإنسَّان والأشيَاء. أو كما يقول فوكو: "علَاقة اللُغة بالرسم علاقة لا مُتناهية، لأن الكَلمة غير كامِلة وتقع إزَاء المرئِي في عجزِ تجهد عبثًا لتجَاوزه، لأنهما لا يُمكن أن يُختزل أحدهما الآخر، فعبثًا نقول ما نرَاه، لأن ما نرَاه لا يسكُن أبدًا فيما نقول، وعبثًا عملنا على أن نجعل الآخرينَ بالصورِ والإستعاراتِ والمقارناتِ يرون ما نقوله الآن". لذلك أمام هذه اللُغة الرمادية، الموسوسة والمُكررة دائما أضاء الرسم، كحلٍ لعلاقة رمادية بين الكلماتِ والأشياءِ، علاقة يعملُ الرسم على جعلهَا أكثرَ شفَافية.
Las Meninas (1656) by Diego Velázquez |
________________________________________________________________________
هذه تدوينة شخصية وليست مترجمة
هذه تدوينة شخصية وليست مترجمة
تعليقات
إرسال تعليق