شهدت باريس
اليوم مسيرات حاشدة خرج فيها ما يقرب من مليون ونصف المليون من السكان مع حشد من
الزعماء والرؤساء والمبعوثين يتقدمهم قتلة ومجرمي حرب للتنديد بمقتل 17 من
العاملين بجريدة تشارلي إبدو على يد اثنين من المتطرفين، مسلمين، لكنهم فرنسيين
أيضًا، ولسبب ما يتغاضى معظم من يتناولون الحدث عن هذا الأمر بمنتهى الغباء أو
السطحية. لا شك أن ما حدث مذبحة، ولا يستحق أي شخص مهما كان متخلفًا، عنصريًا،
يُمثل بمعتقدات الآخرين، يحتقرهم ويزدريهم أن يُقتل، أنا صدقًا أؤمن بهذا، فليقل
من يشاء ما يشاء أي وقت يشاء، حتى لو كان القائل جريدة عنصرية صفراء كتشارلي إبدو.
المؤسف فعلا، طبعا ليس ردود الفعل الرسمية الدولية، ولا طبعا ردود الفعل
الرسمية العربية، لأن ’ولاد الوسخة‘ هؤلاء وهؤلاء لا يقيموا وزنًا لنا بالمرة؛
المؤسف حقًا عدد من المشاركات ’البائسة‘ (اللي لا هتودي ولا هتجيب) ولن تحرك شيء
في بحر السياسة الدولية، ما أقصده مشاركات معظم من أعرفهم على مواقع التواصل،
وخاصة كل ما يتعلق بهاشتاج ’أنا تشارلي‘. حيث اتفق معظم المشاركين على قلب رجل
واحد أنهم مع العنصرية ضد الإرهاب! كان من الممكن إدانة وتجريم الحدث كمذبحة. إلا
أن معظم الناس أصروا إصرارًا لا يشوبه تردد "أنهم مع العنصرية ضد
القتل".
كما نعلم، بعض الأرواح أهم من الأخرى، خاصة لو كانت أرواح بعض الأوربين. وكما نعلم أيضًا، فموت سبعة عشر على يد اثنين، حتى لو أن القاتل والمقتول فرنسيين، جريمة يندى لها جبين العالم. وسيركز الجميع فقط على حرية التعبير مقابل الإرهاب الإسلامي. لن يتطرق أحد لما يعيشه بعض الفرنسيين من عنصرية، اضطهاد وتهميش لأنهم مسلمين. كما أن أحد لن يتطرق لدور الدولة في السماح لرأس المال السعودي بالتدفق والسيطرة على معظم مراكز الدعوة في أوربا كلها، نفس المراكز التي تستقبل الفرنسي المسلم الذي همشته الدولة واضطهده المجتمع! فيجد في مراكز الدعوة الوهابية ما يشفي حنقه ويبرر دوافع انتقامه من الغرب الكافر. لن يتطرق أحد كذلك للإرث الاستعماري الفرنسي كجزء من إمبريالية عالمية سيطرت على الشرق الأوسط لعقود، فرنسا التي خلفت وراءها ملايين القتلى تشتكي من القتل! لن يتطرق أحد كذلك لكل جرائم حلف شمال الأطلنطي في أفغانستان والعراق والبلقان ودارفور وليبيا وغيرها. الحلف الذي تعتبر فرنسا أحد مؤسسيه. فحلف شمال الأطلنطي الذي تبنى مبدأ التدخل الدولى فى داخل حدود الدول المستقلة لأي أسباب سياسية أو إنسانية أو تحت أى شعارات يراها حلف شمال الأطلنطى سببًا للتدخل، ولا يحتاج الحلف في هذا لموافقة الأمم المتحدة، الحلف الذي تدخل فى مناطق كالبلقان وأفغانستان إلى جانب عمليات التدخل فى أفريقيا تحت غطاء قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتى كانت تخضع من الناحية العملية للقيادة العسكرية لحلف الأطلنطى، ارتبط تدخله فى معظم الأحيان بتغيير الأنظمة السياسية أو إعادة رسم الحدود للدول التى خضعت للتدخل. ومع ذلك، سيتغاضى معظم الناس عن كل هذا، وعن أن فرنسا تحصد ما زرعته. وسيركز الناس والإعلام والأنظمة على شيء واحد فقط ’التطرف الإسلامي‘. مقتل 17 استنفر كل ردود الفعل هذه حول العالم لكن موت الآلاف يوميًا في الدول العربية والإسلامية والأفريقية لا يعني أحد. لن يتطرق أحد لدور الدول العظمى في خلق الإرهاب، لكن ستشارك الأغلبية بشكل هيستيري في هاشتاج أنا تشارلي. لن يتطرق أحد لجرائم النظام العالمي في الشرق الأوسط والتي بدورها خلقت حالة الحنق والكره والحقد ضد كل ما هو غربي، لن يتطرق أحد لهذا كله. كما نعلم، لهم حق احتلالنا واغتصابنا ونهبنا وقتلنا وإبادتنا بالجملة، ولهم حق حرية التعبير عن الرأي طبعًا. في الواقع، نحن أمام نوعين من الإرهاب هنا، إرهاب صالح VS إرهاب طالح. فكل جرائم الدول الغربية في الشرق الأوسط إرهاب صالح – الاحتلال، الموت، الخراب والدمار – إرهاب صالح؛ لكن نتاج هذا الإرهاب الصالح عندما تظهر في شكل جماعات متطرفة تقتل ببربرية ووحشية ودون تميز –تماما كما تفعل الدول الغربية- سيسمي العالم هذا إرهاب طالح. سيجتمع ملوك وزعماء ورؤساء لتنديد بمقتل 17 فرنسي على يد أناس متطرفين، دون أن يأتي أي منهم على ذكر دور فرنسا نفسها في خلق هذا الإرهاب. سينهال فقط الإعلام والحكومات والناس على ذكر حقوق الإنسان. فكما نعلم، لهم حقوق الإنسان ولنا ليس حتى حقوق الحيوان. من حق تشارلي إبدو التعبير بحرية عن هذا الخراء الفكري، لكن ليس من حق غسان كنفاني أو ناجي العلي ذلك! اغتالهم الكيان الصهيوني، ولم ينظم من أجلهم الملوك والرؤساء العرب والأروبين مسيرة للتنديد بجرائم الكيان الصهيوني. حتى أن بنيامين نتنياهو تصدر المسيرة المتضامنة مع حرية الرأي والتعبير! كما نعلم، لنا ليس حتى حقوق الحيوان. ليس من حق المتطرفين الإسلامين قتل أي شخص لمجرد التعبير عن رأيه، لكن من حق الناتو والكيان الصهيوني ذلك! وطبعا لن يجتمع هؤلاء الرؤساء والزعماء في مسيرة للتنديد بجرائمهم، وعموما، من العبث أن ننتظر ذلك. لكن على الجانب الآخر، فلنتمتع فقط ببعض الحياء! بعض الحياء الذي يمنع أي شخص على دراية بسيطة بمدى خرائية الوضع وأبعاده من أن يقول ’أنا تشارلي‘. أنا لستُ تشارلي، أنا ناجي العلي، أنا غسان كنفاني، أنا المهدور دمهم وأرضهم وإنسانيتهم وكرامتهم، لأن كما نعلم لهم حقوق الإنسان ولنا ليس حتى حقوق الحيوان.
كما نعلم، بعض الأرواح أهم من الأخرى، خاصة لو كانت أرواح بعض الأوربين. وكما نعلم أيضًا، فموت سبعة عشر على يد اثنين، حتى لو أن القاتل والمقتول فرنسيين، جريمة يندى لها جبين العالم. وسيركز الجميع فقط على حرية التعبير مقابل الإرهاب الإسلامي. لن يتطرق أحد لما يعيشه بعض الفرنسيين من عنصرية، اضطهاد وتهميش لأنهم مسلمين. كما أن أحد لن يتطرق لدور الدولة في السماح لرأس المال السعودي بالتدفق والسيطرة على معظم مراكز الدعوة في أوربا كلها، نفس المراكز التي تستقبل الفرنسي المسلم الذي همشته الدولة واضطهده المجتمع! فيجد في مراكز الدعوة الوهابية ما يشفي حنقه ويبرر دوافع انتقامه من الغرب الكافر. لن يتطرق أحد كذلك للإرث الاستعماري الفرنسي كجزء من إمبريالية عالمية سيطرت على الشرق الأوسط لعقود، فرنسا التي خلفت وراءها ملايين القتلى تشتكي من القتل! لن يتطرق أحد كذلك لكل جرائم حلف شمال الأطلنطي في أفغانستان والعراق والبلقان ودارفور وليبيا وغيرها. الحلف الذي تعتبر فرنسا أحد مؤسسيه. فحلف شمال الأطلنطي الذي تبنى مبدأ التدخل الدولى فى داخل حدود الدول المستقلة لأي أسباب سياسية أو إنسانية أو تحت أى شعارات يراها حلف شمال الأطلنطى سببًا للتدخل، ولا يحتاج الحلف في هذا لموافقة الأمم المتحدة، الحلف الذي تدخل فى مناطق كالبلقان وأفغانستان إلى جانب عمليات التدخل فى أفريقيا تحت غطاء قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتى كانت تخضع من الناحية العملية للقيادة العسكرية لحلف الأطلنطى، ارتبط تدخله فى معظم الأحيان بتغيير الأنظمة السياسية أو إعادة رسم الحدود للدول التى خضعت للتدخل. ومع ذلك، سيتغاضى معظم الناس عن كل هذا، وعن أن فرنسا تحصد ما زرعته. وسيركز الناس والإعلام والأنظمة على شيء واحد فقط ’التطرف الإسلامي‘. مقتل 17 استنفر كل ردود الفعل هذه حول العالم لكن موت الآلاف يوميًا في الدول العربية والإسلامية والأفريقية لا يعني أحد. لن يتطرق أحد لدور الدول العظمى في خلق الإرهاب، لكن ستشارك الأغلبية بشكل هيستيري في هاشتاج أنا تشارلي. لن يتطرق أحد لجرائم النظام العالمي في الشرق الأوسط والتي بدورها خلقت حالة الحنق والكره والحقد ضد كل ما هو غربي، لن يتطرق أحد لهذا كله. كما نعلم، لهم حق احتلالنا واغتصابنا ونهبنا وقتلنا وإبادتنا بالجملة، ولهم حق حرية التعبير عن الرأي طبعًا. في الواقع، نحن أمام نوعين من الإرهاب هنا، إرهاب صالح VS إرهاب طالح. فكل جرائم الدول الغربية في الشرق الأوسط إرهاب صالح – الاحتلال، الموت، الخراب والدمار – إرهاب صالح؛ لكن نتاج هذا الإرهاب الصالح عندما تظهر في شكل جماعات متطرفة تقتل ببربرية ووحشية ودون تميز –تماما كما تفعل الدول الغربية- سيسمي العالم هذا إرهاب طالح. سيجتمع ملوك وزعماء ورؤساء لتنديد بمقتل 17 فرنسي على يد أناس متطرفين، دون أن يأتي أي منهم على ذكر دور فرنسا نفسها في خلق هذا الإرهاب. سينهال فقط الإعلام والحكومات والناس على ذكر حقوق الإنسان. فكما نعلم، لهم حقوق الإنسان ولنا ليس حتى حقوق الحيوان. من حق تشارلي إبدو التعبير بحرية عن هذا الخراء الفكري، لكن ليس من حق غسان كنفاني أو ناجي العلي ذلك! اغتالهم الكيان الصهيوني، ولم ينظم من أجلهم الملوك والرؤساء العرب والأروبين مسيرة للتنديد بجرائم الكيان الصهيوني. حتى أن بنيامين نتنياهو تصدر المسيرة المتضامنة مع حرية الرأي والتعبير! كما نعلم، لنا ليس حتى حقوق الحيوان. ليس من حق المتطرفين الإسلامين قتل أي شخص لمجرد التعبير عن رأيه، لكن من حق الناتو والكيان الصهيوني ذلك! وطبعا لن يجتمع هؤلاء الرؤساء والزعماء في مسيرة للتنديد بجرائمهم، وعموما، من العبث أن ننتظر ذلك. لكن على الجانب الآخر، فلنتمتع فقط ببعض الحياء! بعض الحياء الذي يمنع أي شخص على دراية بسيطة بمدى خرائية الوضع وأبعاده من أن يقول ’أنا تشارلي‘. أنا لستُ تشارلي، أنا ناجي العلي، أنا غسان كنفاني، أنا المهدور دمهم وأرضهم وإنسانيتهم وكرامتهم، لأن كما نعلم لهم حقوق الإنسان ولنا ليس حتى حقوق الحيوان.
![]() |
Je suis Naji Al-Ali |
تعليقات
إرسال تعليق