رأيت فيديو يُسأل فيه الناس لو علموا أنهم يموتون غدا، فما الذي سيندمون أنهم فعلوه أو لم يفعلوه.
فكرت في حالي ورأيت أنني عشت حياة عريضة لدرجة أنه من المجحف أن يقال "ماتت في عز شبابها" لو مت غدا. عشت لحظات كانت في منتهى الروعة وشعرت أنني سعيدة فيها بكل ذرة في كياني. انضممت من بعد الثانوية العامة لإحدى الجمعيات الخيرية. عشت معهم لحظات رائعة وأنا أرى مشاريع بسيطة تتحقق بعد جهد وتعب فريق كامل. وأدركت عظمة معنى "سرورٌ تدخله على قلب مسلم".
تذكرتني وأنا أهرول في الأيام الأولى من ثورة يناير المجيدة تقودني الحماسة ويلوح لي الأمل. هتافات الناس ترج الأفق وينتفض لها قلبي. كان كل شيء ملحميًا وأسطوريًا على نحو لن يتكرر. أتذكر كيف دلني الله عليه وردني إليه بعد أن عميت عنه. كنت في منتصف العشرينات، ينهزم داخلي كل شيء بعدما انتصرت الثورة المضادة.
أتذكر أمور كثيرة في غاية السوء لا أعرف كيف نجوت منها إلا أنها رحمة الله التي وسعت كل شيء ووسعتني. طاف ببالي سيل من الذكريات الجميلة. كنت أركب فرس عند الأهرامات من سنين عدة، والشمس تميل نحو الغروب وصوت أغنية رقيقة تناهى لأذني، شعرت بالسكينة والراحة من طرف شعري لأخمص قدمي. أحببت الخيل من يومها.
أتذكر ترددي على كافة الشواطئ وكل البحار التي لا تزال أمواجها تهدر في أذني وأنا أتابع الشمس تمضي بكسل في السماء فيتغير معها لون الماء. الأسماك الملونة والشعاب المرجانية والعوالم التي سكنتني رغم أنني لم أسكنها إلا قليلا. كل المقاهي التي كانت اكتشافات طيبة وطابت أكثر برفقة من أحبهم. أكواب القهوة التي لا حصر لها مصحوبة بالضحكات والدموع والأحزان أحيانًا.
أتذكر أن من أجمل الأمور التي حدثت لي هي أنني عرفت نفسي. ماذا أكون وكيف أن كل ما كابدته من آلام كانت ذي جدوى وأنها دلتني على الطريق. أتذكر الكثير والكثير الآن. كيف نعمت بلحظات خفة وسعادة يهتز لها الوجدان حتى أن قلبي يطيب وينسى ما مسني من أذى.
تعليقات
إرسال تعليق