التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العدمية الأخلاقية


العدمية الأخلاقية هي اتجاه فلسفي متجاوز للأخلاق باعتبار أن كل الادعاءات الأخلاقية ليست صحيحة بشكل عام. تذهب العدمية الأخلاقية إلى أنه ليس هناك حقائق أخلاقية موضوعية أو افتراضات صحيحة – لا يمكن تصنيف شيء ’’أخلاقيا‘‘ على إنه جيد أو سيء، صح أو خطأ، ... إلخ – لأنه ببساطة لا يوجد حقائق أخلاقية (مثال على العدمية الأخلاقية, أن نقول أن القتل ليس خطأ، لكنه ليس صحيح أيضًا).

تختلف العدمية الأخلاقية عن القناعات الأخلاقية الذاتية، والقناعات الأخلاقية النسبية، التي تكون فيها القضايا الأخلاقية صح أو خطأ بشكل غير موضوعي، في الواقع تذهب العدمية الأخلاقية إلى عدم وضع أي حكم أخلاقي ثابت بشأن أي قضية أخلاقية. الانتقادات
الموجة للعدمية الأخلاقية تأتي في المقام الأول من المذاهب الأخلاقية الواقعية مثل الأخلاقية الطبيعية والأخلاقية غير طبيعية، واللاتي تجادل بأن هناك حقائق أخلاقية إيجابية. العدمية الأخلاقية بشكل ما تعتبر نتاج النظرة المتجاوزة للعدمية.

تُقدم فلسفة نيكولا ميكافيللي أحيانًا على إنها نموذج للعدمية الأخلاقية، لكن يجب وضع هذا الادعاء موضع فحص لأن ميكافيللي نفسه لم يكن له رأي بخصوص القضايا الأخلاقية، وإذا أمكنا القول، فميكافيللي قدم بدائل أخلاقية في عصره، وليس الأمر إنه رفض إقرار أي أخلاق.




نظرية الخطأ

نظرية الخطأ 
هي شكل من أشكال العدمية الأخلاقية التي تجمع بين المدرسة المعرفية (الاعتقاد بأن اللغة الأخلاقية تتكون من عبارات أقرب للحقيقة) مع العدمية الأخلاقية (الاعتقاد أنه لا توجد حقائق أخلاقية). يُعتبر الفكر أو الخطاب الأخلاقي في نظرية الخطأ مرتبط بخطأ عميق ومتغلغل، بأن جميع القضايا الأخلاقية ذات ادعاءات وجودية مزيفة.

تدعي نظرية الخطأ أننا لا نستطيع أن نجزم بصحة أي أحكام أخلاقية لأن (أ) كل الادعاءات الأخلاقية ليست صحيحة، (ب) لدينا من الحجج ما يجعلنا نصدق أن كل الادعاءات الأخلاقية ليست صحيحة، و، (ج) لذلك لا يمكنا الاقتناع بادعاءات أخلاقية لدينا من الحجج ما يدحضها، في الواقع ليس هناك ما يبرر الاعتقاد في هذه الادعاءات الأخلاقية على الإطلاق.

الصيغة الشاملة "للزيف" كما توضحه نظرية الخطأ هو أن الادعاءات الأخلاقية واليقينية ليست صحيحة لأنها تدعي أن حقائق بعينها موجود وهي غير موجودة في الواقع. لذلك يفشل الافتراض بوجود معتقدات أخلاقية ’’يقينية‘‘ لأن المعتقدات نفسها قد تكون صح أو خطأ "حمالة أوجه" (بمعنى أن الادعاءات الأخلاقية واليقينية تزعم وجود حقائق أخلاقية بعينها سلفًا، حقائق لا وجود لها).


يعتبر أشهر منظر عن نظرية الخطأ هو جون لسلي ماكي (1917 – 1981)، الذي دافع عن وجهة نظره في كتابه ’’الأخلاق: اختراع الصح والخطأ‘‘ عام 1977. يقول ماكي أن الادعاءات الأخلاقية تفترض ضمنيا وجود دوافع داخلية (فكرة أن الفرد لديه دافع للقيام  بفعل معين  يراه واجبا أخلاقيا)، وهذا غير صحيح، وينطبق هذا على كل الإدعاءات الأخلاقية. يقول الادعاءات الأخلاقية تستلزم بالضرورة "حجج منطقية" (على سبيل المثال، لو أن ’’قتل الأطفال خطأ‘‘ قاعدة صحيحة، سيكون لدى الجميع حجة لعدم قتل الأطفال)، لكن يمكن أن يدحض شخص سيكوباتي هذا الادعاء مقدمًا حجج على أن قتل الأطفال صحيح تماما ولا يوجد ما يمنع ذلك، من هنا تعتبر كل الادعاءات الأخلاقية غير صحيحة.
______________________________________________________

هذا المقال مترجم عن موقع مباديء الفلسفة – العدمية الأخلاقية
 Moral Nihilism

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الكون مكتوب بلغة الرياضيات؟

لطالما استخدم العلماء الرياضيات في التعبير عن الخصائص الفيزيائية للكون.. لكن ماذا لو أن الكون بأسره بناء رياضي! هذا ما يؤمن به عالم الكونيات ماكس تيجمارك. يرى تجمارك أن كل شيء في الكون، بما في ذلك الإنسان، هو جزء مِن بناء رياضي ( mathematical structure )، قد يرى المرء أن المادة مكوَنة من جزيئات وأن للجزيئات خصائص مثل الشحنة الكهربائية والحركة، لكن تجمارك يجادل بأن هذه الخصائص هي محض رياضيات. كذلك الكون، أحد خصائصه الأبعاد، إلا إنه محض بناء رياضي. ’’لو بدأت في النظر للكون بكل ما يحتويه على إنه محض بناء رياضي، وأن لا خصائص له سوى الخصائص الرياضية. ستبدو فكرة أن كل شيء "رياضي" أقل جنونًا‘‘ .. يقول تجمارك في لقاء له اعتمادًا على كتابه "عالمنا الرياضي: سعيي لفهم طبيعة الواقع" ( Our Mathematical Universe:   My Quest For The Ultimate Nature Of Reality ) يقول تجمارك ’’لو أن أفكاري خاطئة، فإن الفيزياء ستُسحق كليًا.‘‘ مضيفًا ’’لكن لو أن الكون كله محض رياضيات، لن يكون هناك شيء عصيّ على الفهم.‘‘ Photo Credit الطبيعة مكتوبة بلغة الرياضيات.. يقوم هذا الاستنتا

جون بيري: العدميّة وأزمة المعنى

لفظ عدمية ’ Nihilism ‘ مشتق أساسًا من الكلمة اللاتينية ’ Nihil ‘ والتي تعني لاشيء. يستخدم اللفظ في عدة مواضع في الفلسفة. بمعنى: لا يوجد شيء على الإطلاق.. أو لا يوجد مباديء أخلاقية على الإطلاق.. وكل ما يُساق من لفظ ’’اللاشيء‘‘ فهو عدمي. إلا أن الاستخدام الأكثر شيوعًا، والمستخدم على نطاق واسع اليوم، هو أن لا شيء نستخدمه، نبدعه أو نحبه له أي معنى أو قيمة على الإطلاق. العدمية بشكل عام ليست مجرد تعريف لموقف فلسفي معين، بل تعبير عن ميل عام، وعن حالة من الأسى: هل هذا كل شيء؟ هل الإنسانية ليست سوى عدد من السنين لا قيمة لها على كوكب لا يميزه أي شيء عن غيره في كون لا يُلقي لنا بالًا؟ هل لأي شيء قيمة؟ بالنسبة للعديد من الناس هذه الأسئلة ليست مجرد طرح فلسفي بل وجهة نظر حداثية للإنسانية كجزء ضئيل للغاية من الكون ككل.. كما يدعي العلم. في البداية ظهرت العدمية في المعاجم الفلسفية باعتبارها ’’اتهام‘‘. لم تبدأ كغيرها من المناهج الفلسفية بأن يقول أحد الفلاسفة ’’أنا عدمي‘‘ بل ’’أنت عدمي‘‘ كاتهام. وشعر البعض أنه لو صح ما قاله البعض الآخر من الفلاسفة حول العدمية.. فسيكون كل شيء بلا معنى. في